بالرغم من ان زهرة اللوتس عرفت فى بلاد كثيرة من بلاد العالم القديم مثل الهند والصين واليونان الا ان ارتباطها بمصر كان اكثرمن تلك البلاد التى شهدت مهد الحضارت الانسانية وكان لها تاثير فى كثير من مظاهر الحياة فى مصر القديمة
ولزهرة اللوتس انواع كثيرة اشتهر منها ثمانية انواع رئيسية عرفت لدى الاغريق واليونان باسم اللوتس و اشتهر فى مصر منها ثلاث انواع
اولها نبات اللوتس الابيض وكانوا يسمونه سشن و سسن ومنها اشتق اسمها العربى السوسن والسوزان كما كان يعرف ببشنين الخنزير او عرائس النيل
وفضلا عن استعمال زهور اللوتس الابيض فى الزينة استعمل كمرطب وكان المصريين ياكلون جذوره مشوية ومسلوقة ويذكر هيردوت انهم كانوا يطحنون بذوره بعد جمعها وتجفيفها ويصنعون منها على النار خبزا وفطائر تاكل كحلوى
وجذور البشنين مستديرة الشكل بها قليل من الحلاوة مما جعلها طعاما مستساغا
ونبات اللوتس ينتمى الى عائلة الحورية (نيمفيا) فى المملكة النباتية التى لعبت دورا فى الاساطير الاغريقية القديمة تقول احدى هذه الاساطير ان هرقل قد هجر حورية فالقت بنفسها فى الماء حزنا فتحول جسدها الى زهرة هى زهرة اللوتس0
وثانى انواع اللوتس التى عرفها قدماء المصريين زهرة اللوتس الزرقاء التى عرفوها باسم سارات و تعرف باسم البشنين العربى او اكل النمل لانه يقتل النمل الذى يقترب منه
وكانت الاكاليل التى توضع فوق رؤوس النساء من هذه الزهرة التى فضلها المصريون القدماء لرائحتها العطرة الذكية المنعشة
اما ثالثها فهو نبات اللوتس الاحمروكانوا يسمونه نخب وعرفه العرب باسم الفول العربى او الباقلى القبطى وهو من اصل هندى وتتميز زهرته بلونها الاحمر ورائحتها الذكية واوراقه مستديرة يبلغ قطرها ثلاثون سنتيمتر ترتفع فوق سطح الماء بارتفاع متر
وقد عثر على رأس طفل من العصر الرومانى يضع فوق رأسه قبعة من ورق اللوتس ووجدت ايضا فى مقابرهوارة التى ترجع الى العصرين الاغريقى واليونانى عدد منها فورقتها تشبه قبعة تسالية ( اقليم تساليا ) كما قال ثيوقراستوس
ووجدت ايضا على عصابة نفرتم وصنع منها مهد حورس فى صباه كما وجدت على رؤوس معظم الاعمدة فى الهياكل والمعابد والدور التى كانت تقام على شكل اللوتس الاحمر الا ان هذا الوجود تزايد فى العصر الرومانى المتأخر ثم بدأ فى التوقف فى الحقبة المسيحية وندر وجوده فى مصر الان فلا يوجد الا القليل منه فى حدائق الاسكندرية والقاهرة والاسماعلية.
لم يكن اللوتس مجرد نبات يبهج المصريين القدماء بجمال منظره او ينعشهم برائحته الزكية وعبق عطره الفواح او كغذاء لهم انما ارتبط بعقيدتهم كرمز لعملية الخلق انعكس على حياتهم وفكرهم وبلغ من السمو والمكانه ان شبهوا به ملوكهم فكانوا يقولون ان الملك مثل نفرتم (زهرة اللوتس ) عند انف رع
وحين كان الفيض يغمر ارض مصر ويخيم عليها السكون تخيل المصرى القديم الماء الازلى الذى نشا منه الكون وفى وسطه تخرج زهرة اللوتس الجميلة تستقبل الشمس فى الصباح حين تتفتح ثم تنغلق على نفسها فى الغروب وتغوص فى ليل تحت الماء 0
فارتبطت بالشمس وحركتها وربطها المصرى القديم بسيد الشمس نفرتم فهى تتخذ من الماء عرشا لها وبذورها تمزق الغلاف الذى تنبت فيه والزهرة تشبه الدائرة التى هى قوة العقل الذى هو بدوره مظهر القوة
واصبحت زهرة اللوتس تمثل حورس ذا العقل حاكم السماء التى فيها الشمس 0
واعتقد المصريون ايضا ان الموتى المعمدين سوف يولدون ثانية من زهرة اللوتس لهذا كانت زهرة اللوتس من اهم القرابين التى يقدمها المصرى للمعابد وللموتى فى مقابرهم كما تقدم هدية الحب للأحياء
وغزت نقوشها الفن المصرى القديم واستعملها الفنان المصرى بأشكال مختلفة اصبحت من اشهر الاشكال فى الزخارف والرسوم لايكاد يخلوا منها اثر على امتداد مصر
فاستعملت فى الافاريز كما استعملت راسية وافقية وحلزونية وبوضع منعكس كما استخدم شكل الزهرة الطبيعى باوراقها الاربع التى يعلوها التويج الابيض او الازرق تحيط به اعضاء التذكير والتانيث كما رسم مسقطها الافقى والجانبى فى تكرارات متعددة اما برعم الزهرة فقد استخدم فى تزيين رؤوس الاعمدة وتيجانها
يقول عالم المصريات بترى ان العالم مدين فى زخارفه للمصريين الذين اوجدوا اول مدنية فى الارض
ثم انتقلت هذه الرمزية المصرية الى معظم الحضارات القديمة لاسيما الهندوسية والبوذية حيث استقوا من قصة الخلق المصرية ورموزها عن الخصب والحياة والخلود والنقاء جزء من عقائدهم وظلت زهرة اللوتس فى التقاليد والاساطير رمزا للراحة والصحة والجمال والسحر والحب والتفاؤل
ويعتقدون فى الصين بوجود بحيرة لوتس مقدسة فى السماء ويعتقدون ان لكل روح شجرة لوتس خاصة فى هذه البحيرة ومازالت بعض المجتمعات الريفية تحرق البخور لروح اللوتس اتقاءا لاذى الارواح الشريرة
وفى احدى المذاهب البوذية تلعب زهرة اللوتس دورا هاما فهى كأمراة تتحد مع الرعد الذى يقوم بدور الرجل وفى اليابان ان من يأكل زهرة من اللوتس او سيقانها يكتسب قوة جسدية ووصفها كثير من الكتاب والعشابين العرب هذه الزهرة التى عرفوها باسم النيلوفر وعددوا فوائدها العلاجية فى علاج السعال والبهاق واوجاع الجنب والرئة والثعلبة والقروح والخفقان والبرص والنزيف
وفى علم النفس يستخدمون عبارة اكل اللوتس للتعبير عن الشخص فاقد الذاكرة اوالشخص الذى يبنى قصورا فى الهواء ويرجع هذا الى احدى الاساطير الاغريقية عن شعب كان يعيش فى ليبيا كان طعامه يتكون من ثمار وبراعم اللوتس وكان كل من ياكل منه ينسى اسرته ووطنه واصدقاؤه
وقدوصف تينسون تأثيرها فى اشعاره تحت عنوان اكلى اللوتس كما تحدث عنهم هوميروس صاحب الالياذة
ومازالت اسماء مثل سوسن وسوزان تتداول كما نقول عن الشخص الجميل شربات والاصل سربات كالسيد الجميل نفرتم السيد الجميل الذى يضع على رأسه زهرة اللوتس الزرقاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق